مغاربة عالقون في الخارج بسبب الإغلاق الجوي دون أي دعم.. حين تصر الحكومة على إصدار جزء ثانٍ من مسلسل مأساوي
في الوقت الذي كان فيه المغرب يركز على جدوى الإجراءات الاحترازية التي اتخذها لمحاصرة جائحة كورونا ودعم المتضررين من قرار الإغلاق الشامل خلال أشهر الجائحة الأولى العام الماضي، كانت وسائل الإعلام الدولية توجه أنظارها لقضية أخرى أضرت كثيرا بصورة المملكة وشككت بمدى اهتمامها بمواطنيها، ويتعلق الأمر بمأساة المواطنين المغاربة العالقين في دول العالم بسبب إغلاق الحدود الجوية والبرية والبحرية، وهو أمر لا يبدو أن الحكومة الحالية استفادت منه، لأنها قررت أن تكرر "الخطأ" نفسه مرة وتضع صورة المغرب على المحك مجددا.
وكما كان الحال في عهد حكومة سعد الدين العثماني عقب تسلل فيروس "كوفيد 19" إلى المغرب في مارس من سنة 2020، قررت الحكومة الجديدة التي يرأسها عزيز أخنوش وقف الرحلات الجوية من وإلى دول العالم خوفا من وصول متحور "أوميكرون" وذلك بشكل مفاجئ ولمدة أسبوعين، وهو القرار الذي جاء بعد تخفيف التدابير الاحترازية وعودة حركية النقل الجوي إلى طبيعتها بشكل طمأن العديد من المغاربة الذين اختاروا التوجه إلى الخارج لأسباب عائلية أو مهنية أو صحية، وحتى من أجل السياحة.
لكن هؤلاء وجدوا أنفسهم مجبرين على البقاء في بلدان تواجدهم بشكل "إجباري"، وصار الذين كانوا يُخططون لرحلة قصيرة لا تتجاوز بضعة أيام مجبرين على تحمل تكلفة الإقامة في الخارج لمدة 15 يوما على الأقل، كون أن قرار إنهاء الإغلاق الجوي يوم 13 دجنبر الجاري لا يبدو مضمونا بسبب استمرار المتحور الجديد في الانتشار وعدم اتضاح الصورة بخصوص قدرة اللقاحات المعتمدة من طرف السلطات الصحية في المملكة على الحماية منه.
ومرة أخرى، تعود الملاحظات نفسها التي كانت مسجلة على الحكومة والسلطات القنصلية المغربية خلال أزمة العالقين العام الماضي، فالتواصل مع المتضررين، حسب شهادات من تحدثت معهم "الصحيفة"، يكاد يكون منعدما، وإلا فهو ليس سوى "حقنة مهدئة" لا تحمل أي معلومة مفيدة حول إمكانية إنهاء الأزمة، على حد تعبير إحدى العالقات في تركيا، بالإضافة إلى غياب الدعم المالي أو الاجتماعي أو حتى النفسي للمعنيين.
وهذه المشكلة مطروحة على جميع العالقين المغاربة، لكنها أكثر قسوة على من وجدوا أنفسهم مجبرين على البقاء في تركيا أو دول الخليج، الذين لا تبرز أي بوادر لإعادتهم إلى وطنهم عبر رحلة استثنائية، إذ إلى غاية اليوم أكدت شركتا الخطوط الملكية المغربية و"العربية للطيران" أنهما ستُنظمان رحلات خاصة إلى الدول الأوروبية، في حين دخلت على الخط شركات أجنبية لربط المغرب استثنائيا بإسبانيا وفرنسا وألمانيا وإسرائيل.
وفي ظل هذا تحولت الرحلات السياحية الكثير من العالقين إلى كابوس، على غرار الموجودين في الإمارات العربية المتحدة، الذين أكد شهادات العديد منهم أنهم باتوا يعيشون وضعا مأساوية بسبب اضطراره إلى التكفل بمصاريف الإقامة والعيش التي تفوق طاقتهم، وسط بلد معروف بغلاء الأسعار، لدرجة أن منهم من أضحوا يبيتون في الشارع أو يعيشون على المساعدات دون أي تحرك من طرف السفارة المغربية في أبو ظبي، ولا أي بارقة أمل من الحكومة.
ويبرى العديد من العالقين أن تعامل الحكومة "البارد" مع هذه القضية يصل إلى درجة "الاستفزاز"، خاصة وأنه الأزمة السابقة أن البعض يجدون في فُجائية ظهور الوباء مبررا لما جرى، في حين يفترض أن السلطات المغربية أصبحت الآن تعرف كيف تتصرف في مثل هذه الحالات، علما أن العالقين، الذي بات الكثير منهم مهددين بفقدان عملهم، أبدوا استعدادهم للتعامل بليونة مع أي حل تقترحه الحكومة لإعادتهم، بما في ذلك إجراء الفحوصات الضرورية والخضوع للحجر.
وكان الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بيتاس، قد تطرق إلى هذا الأمر في ندوته الصحية الأسبوعية الجمعة الماضي، وكعادته ألقى كلاما فضفاضا من قبيل أن قرار الإغلاق الجوي اتُّخذ "للحفاظ على المكتسبات التي حققها المغرب"، لكنه قال أيضا إن الحكومة "عبرت عن استعدادها لتنظيم بعض الرحلات الاستثنائية لإجلاء مواطنين الدول الأخرى الموجودين في المغرب أو إعادة المواطنين المغاربة الذين لم يستطيعوا الرجوع في الوقت المحدد"، والأدهى أن الرجل أورد أن "هذا الأمر يؤثر، لكن تأثيره ليس كبيرا".
تعليقات
بإمكانكم تغيير ترتيب الآراء حسب الاختيارات أسفله :